ويذكر ابن القيم أن الناس في العبادة والاستعانة أربعة أقسام، أجلها وأفضلها أهل العبادة والاستعانة بالله عليها، فعبادة الله غاية مرادهم وطلبهم منه أن يعينهم عليها ويوفقهم للقيام بها، ولهذا كان من أفضل ما يسأل الرب تبارك وتعالى الإعانة على مرضاته، وهو الذي علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه -، روى أبو داود وصححه الألباني من حديث معاذ - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيده وقال: (يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك، فقال: أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ: اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ) (1) ، فأنفع الدعاء طلب العون على مرضاته، وأفضل المواهب إسعافه بهذا المطلوب، وجميع الأدعية المأثورة مدارها على هذا وعلى دفع ما يضاده، وعلى تكميله وتيسير أسبابه (2) .
وخلاصة القول أن التكامل حاصل بين دعاء العبادة ودعاء المسألة، بل كل منهما يدل على النوع الآخر إما بدلالة المطابقة أو التضمن أو اللزوم حسب الموطن المناسب للعبد من جهة تنفيذه لأحكام العبودية كما أو كيفا، وقد أمر الله - عز وجل - المسلمين أن يدعوه بأسمائه الحسنى فقال: {وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180] ، وهذا يشمل الطلب والسؤال والنداء والعبادة والمدح والثناء.
(1) أبو داود في الصلاة، باب في الاستغفار 2/ 86 (1522) ، صحيح الجامع (7969) .
(2) مدارج السالكين 1/ 78 بتصرف.