دعاء العبادة باسم الله البصير هو وصول العبد لمرتبة الإحسان وتأثره الدائم بكمال المراقبة، روى البخاري من حديث عمر - رضي الله عنه - أن جبريل سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (أخبرني عَنِ الإِحْسَان؟ قَال: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ) (1) ، فوجب على العبد أن يراقب ربه في طاعته، ويوقن أنه من فوق عرشه بصير بعبادته، عليم بإخلاصه ونيته، قال - عز وجل: {وَقُل اعْمَلوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلكُمْ وَرَسُولهُ وَالمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عَالمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلونَ} [التوبة:105] ، كما أن دعاء العبادة يوجب علينا أن ننظر ونتفكر وأن نعتبر ونتذكر، ننظر في خلق الله وآثار صنعته، وكمال قدرته وبالغ حكمته، قال - عز وجل: {أَفَلا يَنظُرُونَ إِلى الإِبِل كَيْفَ خُلقَتْ وَإِلى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ .. إلى قوله .. فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية:17/ 21] ، وكما أمرنا الله - عز وجل - أن ننظر في الأسباب الظاهرة أمرنا أن نعتبر بفعله في الأمم الغابرة فقال - جل جلاله: {قَدْ خَلتْ مِنْ قَبْلكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ} [آل عمران:137] .
أما من جهة التسمية بعبد البصير فلم أجد أحدا تسمى به من علماء السلف أو رواة الحديث، لكن سمى به من الخلف المتأخرين كثير، منهم أبو محمود عبد البصير ابن أبي نصر الضراب من أهل هراة (ت:541 هـ) (2) .
الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه.
(1) البخاري في الإيمان، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم 1/ 27 (50) .
(2) انظر ترجمته في التحبير في المعجم الكبير للسمعاني 1/ 506.