والتحقق بمعرفة اسم الله الآخر يوجب صحة الاضطرار وكمال الافتقار، ويحول بين العبد وبين رؤية الأعمال والأحوال، والخروج عن رق العبودية إلى دعوى ما ليس له، وكيف يدعي مع الله حالا أو مقاما من قلبه، وإرادته وحركته الظاهرة والباطنة بيد ربه ومليكه، لا يملك هو منها شيئا، وإنما هي بيد مقلب القلوب ومصرفها كيف يشاء فالإيمان بهذا هو نظام التوحيد، ومتى انحل من القلب انحل نظام التوحيد، فسبحان من لا يوصل إليه إلا به، ولا يطاع إلا بمشيئته، ولا ينال ما عنده من الكرامة إلا بطاعته، ولا سبيل إلى طاعته إلا بتوفيقه ومعونته، فعاد الأمر كله إليه، كما ابتدأ الأمر كله منه، فهو الأول والآخر، والكل مستند إليه إبداعا وإنشاء واختراعا وخلقا وإحداثا وتكوينا وإيجادا وإبداء وإعادة وبعثا، فله الملك كله، هو الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده (1) .
ومن جهة التسمية بعبد الآخر والتعبد بهذا الاسم فلم يتسم به أحد من السلف أو الخلف في مجال ما أجرينا عليه البحث الحاسوبي، وفي عصرنا تسمى به الشيخ عبد الآخر حماد الغنيمي صاحب المنحة الإلهية في تهذيب شرح الطحاوية.
الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه.
ورد الاسم مقترنا بالاسمين السابقين في قوله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3] ، وفي السنة أيضا دعاء النَّبِيِ - صلى الله عليه وسلم - الذي تقدم في اسمه الأول والآخر: (وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَليْسَ فَوْقَكَ شيء) .
شرح الاسم وتفسير معناه.
(1) السابق 1/ 53 بتصرف.