فهرس الكتاب
الصفحة 312 من 1188

لما خلق الله - عز وجل - العباد خلقهم لحكمة إلهية تظهر مقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العليا فهو سبحانه لم يخلق الخلق عبثا ولم يترك العباد سدى، قال تعالى: { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ } [المؤمنون:115] ، وقال - عز وجل: { أَيَحْسَبُ الإنسان أَنْ يُتْرَكَ سُدىً } [القيامة:36] ، فكل مخلوق مهما دق حجمه أو عظم شأنه وجوده له علة مرتبطة بأسماء رب العزة والجلال وما دلت عليه من أوصاف الكمال، قال - عز وجل: { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ } [الدخان:38/39] .

ومعنى الحق الحكم والغايات المحمودة التي لأجلها خلق الله ذلك كله، وأعلى هذه الغايات أن يعبد ويعرف بأسمائه وصفاته وأفعاله وآياته، وأن يحب ويدعى ويشكر ويذكر، فالله - عز وجل - له الكمال في أسمائه وأوصافه وأفعاله، ولا بد من ظهور آثارها في العالم؛ فمن أسمائه الرحمن الرحيم وهذا يقتضي مرحوما ورحمة، ومن أسمائه المالك الملك المليك وهذا يقتضي وجود مُلك ومملوك، ومن أسمائه المحسن ويقتضي ذلك وجود الإحسان ومن يحسن إليه من الخلق، وهو سبحانه الرزاق ولا بد من وجود الرزق ومن يرزقه في الملك، وهو أيضا غفار حليم تواب، جواد منان وهاب، حفيظ لطيف وكيل رقيب، قابض باسط قريب مجيب، وهذه الأسماء تقتضي وجود مخلوقات تتعلق بها وآثار تعرف من خلالها، فلم يكن بد من وجود متعلقاتها وآثارها وإلا تعطلت الأوصاف وبطلت الأسماء .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام