فهرس الكتاب
الصفحة 899 من 1137

إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [البقرة: 14 - 15] .

وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 79] .

قال ابن جرير الطبري عند تفسير آية البقرة: «اختلف في صفة استهزاء الله جل جلاله، الذي ذكر أنه فاعله بالمنافقين، الذين وصف صفتهم.

فقال بعضهم: استهزاؤه بهم، كالذي أخبرنا تبارك اسمه أنه فاعلٌ بهم يوم القيامة في قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى ... } [الحديد: 13 - 14] .

وكالذي أخبرنا أنَّهُ فعل بالكفار بقوله: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [آل عمران: 178] ، فهذا وما أشبهه من استهزاء الله جلَّ وعز، وسخريته ومكره وخديعته للمنافقين وأهل الشرك به عند قائلي هذا القول ...

وقال آخرون: بل استهزاؤه بهم، وتوبيخُه إياهم ولومه لهم على ما ركبوا من معاصي الله والكفر به، كما يقال: «إن فلانًا ليُهْزَأُ منه منذ اليوم، ويسخر منه» ، يُراد به توبيخُ الناس إياه ولومهم له، أو إهلاكه إياهم وتدميره بهم ...

قالوا: فكذلك استهزاءُ الله جل ثناؤه بمن استهزأ به من أهل النفاق والكفر به: إمَّا إهلاكه إياهم وتدميرُه بهم، وإما إملاؤهُ لهم، ليأخذهم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام