منه، ففعلت فإذا هو قائم، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب خشيتك، فغفر له» [1] .
قال ابن تيمية رحمه الله: «فهذا الرجل ظنَّ أن الله لا يقدر عليه إذا تفرق هذا التفرق، فظنَّ أنَّهُ لا يعيده إذا صار كذلك، وكل واحد من إنكار قدرة الله تعالى وإنكار معاد الأبدان، وإن تفرقت كفر، لكنه كان مع إيمانه بالله وإيمانه بأمره وخشيته منه جاهلًا بذلك، ضالًّا في هذا الظنِّ مخطئًا، فغفر الله له ذلك، والحديث صريح في أن الرجل طمع أن لا يعيده إذا فعل ذلك، وأدنى هذا أن يكون شاكًّا في المعاد، وذلك كفر إذا قامت حجة النبوة على منكره حكم بكفره ... » [2] .
وقال الإمام الخطَّابي رحمه الله: «قد يستشكل هذا فيقال: كيف يغفر له وهو منكر للبعث والقدرة على إحياء الموتى؟ والجواب: أنه لم ينكر البعث، وإنما جهل فظنَّ أنه إذا فعل به ذلك لا يعاد فلا يعذب، وقد ظهر إيمانه باعترافه بأنه إنما فعل ذلك من خشية الله» [3] .
قال ابن القيم رحمه الله عند ذكره لكفر الجحود، وإنكار شيء من الشرائع: «وأمّا من جحد ذلك جهلًا، أو تأويلًا يعذر فيه صاحبه، فلا يكفر صاحبه به، كحديث الذي جحد قدرة الله عليه، وأمر أهله أن يحرقوه ويذروه في الريح، ومع هذا فقد غفر الله له، ورحمه لجهله، إذا
(1) أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (54) برقم (3478) ، «فتح» (6/ 593) ، وفي مواضع أخر برقم (6481، 7508) ، ومسلم، كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، برقم (2756) ، «نووي» (17/ 78) .
(2) «مجموع الفتاوى» (11/ 409) . وانظر نصوصًا آخر في هذا المعنى: المصدر نفسه (1/ 491، 3/ 231، 7/ 619، 23/ 348، 28/ 501) ، و «الرد على البكري» (ص 36) لابن تيمية.
(3) «فتح الباري» (6/ 604) لابن حجر.