فهرس الكتاب
الصفحة 798 من 1137

والأحكام) إذ يَعْتَبِر أهل البدع - ومن تأثر بهم من الفقهاء - تسويغ العذر بالجهل في (الأحكام) ومنعه في (العقائد) وذلك مبني على أصل عندهم، وهو التفريق بين (الأصول والفروع) [1] .

أمّا مذهب السلف - رضوان الله تعالى عليهم - فإنهم يعذرون بالجهل في العقائد والأحكام سواءً بسواء، وليس ذلك بإطلاق في حقِّ كُلِّ أحد، بل هو مقيَّد بشرط، قال الهيتمي في بيان هذا الشرط: «المدار في الحكم بالكفر على الظواهر ولا نظر للمقصود والنيات [2] ، ولا نظر لقرائن حاله، نعم يعذر مدعي الجهل، إن عذر لقرب عهده بالإسلام أو بعده عن العلماء ... ويعذر أيضاً فيما يظهر بدعوى سبق اللسان بالنسبة لدفع القتل عنه» [3] .

1 -حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في الرجل من بني إسرائيل الذي أمر أهله بإحراقه، قال - عليه الصلاة والسلام: «كان رجل يسرف على نفسه، فلمَّا حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا متُّ فأحرقوني، ثمَّ اطحنوني، ثمَّ ذروني في الريح، فوالله لئن قَدِرَ قدر الله علي ليعذبني عذابًا ما عذبه أحدًا، فلما مات فُعِلَ به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك

(1) انظر: ما تقدم في المطلب السابق حول مسألة الضابط في قيام الحجة، فقد أشرت إلى كلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم في نقض هذا الأصل، وهذا التفريق. وانظر أدلة من لا يعذرون الجاهل في أصول الدين وخاصة مسائل الشرك: «نواقض الإيمان الاعتقادية» (1/ 246 - 286) د. محمد الوهيبي.

(2) انظر تقرير هذا الأصل وأدلته رسالة: «نواقض الإيمان الاعتقادية» (1/ 201 - 208) د. محمد الوهيبي، و «ضوابط التكفير» (ص 201 - 224) للشيخ عبد الله القرني.

(3) «الإعلام بقواطع الإسلام» مع «الزواجر» (2/ 382 - 397) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام