-رضي الله عنْهُنَّ وعن أصحاب نَبِيِّه-، بقي أنْ نعلم هل له توبة أم لا؟
فالجواب: ما قرره شيخ الإسلام عندما سُئل عن فرقة من المسلمين يقرون بالشهادتين، ويصومون ويحجون ويخرجون الزكاة، ويجاهدون أنفسهم في مرضاة الله، غير أنهم يكفّرون سَابِّي صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يرجوا لأحدٍ توبة إذا تاب وإن المصر على ذلك مخلد في النار ...
فأجاب رحمه الله: «قولهم: إنَّ توبة ساب الصحابة لا تقبل وأنه مخلد في النار خطأ، بل الذي عليه «السلف والأئمة» : كالأئمة الأربعة وغيرهم أنَّ توبة الرافضي تقبل كما تقبل توبة أمثاله، والحديث الذي يروى: «سب أصحابي ذنب لا يغفر» [1] ، حديث باطل لم يروه أَحَدٌ من أهل العلم [2] .
ولو قُدِّرَ صحته فالمراد به من لم يتب، فإنَّ الله يأخذ حق الصحابي منه. وأمَّا من تاب فقد قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] ، وهذا في حق التائب، أخبر أنَّهُ يغفر جميع الذنوب» [3] .
(1) انظر: «كشف الخفاء» (1/ 537) للعجلوني، حيث نقل كلام ابن تيمية في كون الحديث موضوعا كذبًا. و «الفوائد المجموعة» (ص 335) للشوكاني.
(2) وقال في موضع آخر: « ... ولا هو في شيء من كتب المسلمين المعتمدة، وهو مخالف للقرآن» . «مجموع الفتاوى» (3/ 290) .
(3) «مجموع الفتاوى» (4/ 540 - 541) أما من لم يتب فقال الله في حقه: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء: 48] . «مجموع الفتاوى» (3/ 290 - 291) .