فهرس الكتاب
الصفحة 615 من 1137

ومنها حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - لما بعثه إلى اليمن، ثم أتبعه معاذ بن جبل - رضي الله عنه - فلما قدم عليه ألقى له وسادة، قال: انزل، فإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديًا فأسلم ثم تهود، قال: اجلس. قال: لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله (ثلاث مرات) فأمر به فقتل» [1] .

وعند أبي داود بسند صحيح عن أبي موسى - رضي الله عنه - وفيه: « ... وكان قد استُتيبَ قبل ذلك» [2] .

ووجه الدلالة منه: أن الاستهزاء بالدين ردة صريحة، وتبديل للدين بدليل قوله تعالى في سورة التوبة: {قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ... } [التوبة: 65 - 66] . وهذا اليهودي الذي أسلم ثم ارتد عن دين الإسلام، وراجع دين السوء، قد بدل دينه، فحكم فيه معاذ - رضي الله عنه - بقضاء الله ورسوله، وهو القتل، فما نزل معاذ عن دابته حتى قتل ولم يستتبه اكتفاءً باستتابة أبي موسى الأشعري له، كما في رواية أبي داود المتقدمة.

إذا علم ما تقدم تقريره من أدلة الكتاب والسنة في ضوء منهج السلف في الاستدلال، أردف ذلك بنقل إجماع السلف في هذا الباب، والله وحده الموقف للصواب.

(1) أخرجه البخاري، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم، برقم (6923) ، «فتح» (12/ 280) ، ومسلم في الإمارة، باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها، برقم (1652) ، «نووي» (12/ 449 - 450) .

(2) «سنن أبي داود» ، كتاب الحدود، باب الحكم فيمن ارتد، برقم (4355) ، (4/ 525) . وانظر: «صحيح سنن أبي داود» (3/ 823) ، برقم (3661) للألباني.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام