وعذابًا مهينًا، ولم يجيء العذاب المهين في القرآن الكريم إلا في حق الكفار [1] .
قال القرطبي رحمه الله: «وقد ميز الله تعالى بين أذاه وأذى الرسول، وأذى المؤمنين فجعل الأول كفرًا والثاني كبيرة» [2] . حيث «أطلق إيذاء الله ورسوله وقيد إيذاء المؤمنين والمؤمنات، لأن إيذاء الله ورسوله لا يكون إلا بغير حق أبدًا، وأما إيذاء المؤمنين والمؤمنات فمنه ... ومنه» [3] .
الدليل الثالث:
قوله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] .
هذا قسم من الله تعالى على أن المسلم لا يوصف بوصف الإيمان إلا عند حصول شرائط ثلاث:
أولها: قوله تعالى: {حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} ، وهذا يدل على أن من لم يرض بحكم الرسول - عليه الصلاة والسلام - لا يكون مؤمنًا.
الشرط الثاني: قوله تعالى: {ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ} ، وهذا شرط لإيمان الباطن، فإن العبد قد يحكّم الرسول - عليه الصلاة والسلام - في الظاهر، ولكن مع عدم رضًا في الباطن، فبين أنه لا بد من حصول الرضا به في القلب.
(1) انظر: «الصارم المسلول» (ص 57) فقد ذكر الأدلة على ورود العذاب المهين في حق الكفار خاصة، بينما العذاب العظيم عام للكفار وغيرهم، و (ص 403 - 404) من المصدر نفسه.
(2) «الجامع لأحكام القرآن» (14/ 154) . وانظر: «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» (2/ 945) للقاضي عياض، و «الصارم المسلول» (ص 46) لابن تيمية.
(3) المصدر نفسه (ص 14 - 153) .