فهرس الكتاب
الصفحة 589 من 1137

ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء [1] .

وقولهم عن رسول الله - عليه السلام: «هذا يفتح قصور الشام ويأخذ حصون بني الأصفر!» ، أو قولهم: «أتحسبون قتال بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضًا» [2] .

قال أبو بكر بن العربي: «لا يخلوا أن يكون ما قالوه من ذلك جدًا أو هزلًا، وهو كيفما كان كفر، فإن الهزل بالكفر كفر، لا خلاف فيه بين الأمة، فإن التحقيق أخو الحق والعلم، والهزل أخو الباطل والجهل» [3] .

فهؤلاء لما تنقصوا النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث عابوه والعلماء من أصحابه واستهانوا بخبره أخبر الله أنهم كفروا بذلك، وإن قالوه استهزاءً فكيف بما هو أغلظ من ذلك؟ وإنما لم يقم الحد عليهم لكون جهاد المنافقين لم يكن قد أُمِرَ به إذ ذاك، بل كان مأمورًا بأن يدع أذاهم، ولأنه كان له أن يعفو عمن تنقصه وآذاه» [4] .

وهنا قد يقول قائل: إنهم كفروا بعد إيمانهم بلسانهم مع كفرهم أولًا بقلوبهم، - وهذا شأن المنافقين - وهذا القول بعيد ولا يصح، «لأن الإيمان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر فلا يقال: «قد كفرتم بعد إيمانكم»

(1) أخرجه ابن جرير الطبري في «التفسير» (14/ 333 - 335) ، برقم (16911 - 16912، 16916 - شاكر) ، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ وابن مردويه، كما في «الدر المنثور» (3/ 455 - 456) وهو صحيح الإسناد، قاله محمود شاكر في تعليقه على الطبري.

(2) انظر: «أسباب نزول القرآن» (ص 255 - 256) للواحدي، و «أسباب النزول» (ص 194 - 195) للسيوطي.

(3) «أحكام القرآن» لابن العربي (2/ 976) ، و «الجامع لأحكام القرآن» (8/ 125) للقرطبي.

(4) «الصارم المسلول» (ص 39) لابن تيمية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام