صنيع من تجردت نفسه من الأدب والحياء من رب الأرض والسماء، وبئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد ... » [1] .
فموقف هؤلاء المبتدعة من الحديث وأهله يذكرنا بما قاله شيخ الإسلام فيمن يعيبون أهل الحديث، قال: «وحدثني: ثقة أنه تولى مدرسة مشهد الحسين بمصر بعض أئمة المتكلمين رجل يُسمَّى شمس الدين الأصبهاني الإبكي، فأعطوه، جزءًا من الربعة فقرأ: ... {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* آلمص} حتى قيل له: ألف لام ميم صاد. فتأمل هذه الحكومة العادلة! ليتبين لك أن الذين يعيبون أهل الحديث ويعدلون عن مذهبهم جهلة زنادقة منافقون بلا ريب، ولهذا لمَّا بلغ الإمام أحمد عن «ابن قتيلة» أنه ذكر عنده أهل الحديث بمكة، فقال: قوم سوء، فقال الإمام أحمد وهو ينفض ثوبه، ويقول: زنديق، زنديق، زنديق، ودخل بيته، فإنه عرف مغزاه.
وعيب المنافقين للعلماء بما جاء به الرسول قديم، من زمن المنافقين الذين كانوا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ... » [2] .
واسمع إلى الإمام أحمد بن حنبل، وهو يصنف أمثال هؤلاء من أهل البدع، الخارجين عن الجماعة، فيقول: «هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر، وأهل السنة المتمسكين بعروقها، المعروفين بها، المقتدى بهم فيها، من لدن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا، وأدركت من أدركت من علماء الحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب، أو طعن فيها، أو عاب قائلها: فهو مبتدع خارج من الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق» [3] .
(1) المصدر نفسه (ص 39 - 40) .
(2) «مجموع الفتاوى» (4/ 96 - 97) .
(3) «طبقات الحنابلة» (1/ 24) للقاضي أبي يعلى.