فإن فرح العبد بالشيء لا يفرحه حصول له، ولا يحزنه فواته .. » [1] .
يقول ابن تيمية رحمه الله: «وتعظيم أئمة السنة وعوامها للسنة والحديث وأهله في الأصول والفروع من الأقوال والأعمال: أكثر من أن يذكر هُنَا، وتجد الإسلام والإيمان كلما ظهر كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى، وإن ظهر شيء من الكفر والنفاق ظهرت البدع بحسب ذلك [2] ، مثل دولة المهدي والرشيد ونحوهما ممن كان يعظم الإسلام والإيمان ويغزو أعداءه من الكفار والمنافقين، كان أهل السنة في تلك الأيام أقوى وأكثر، وأهل البدع أذل وأقل، فإن المهدي قتل من الزنادقة من لا يحصى عدده إلا الله، والرشيد كان كثير الغزو والحج.
وكان خلفاء بني العباس أحسن تعاهدًا للصلوات في أوقاتها من بني أمية، فإن أولئك كانوا كثيري الإضاعة لمواقيت الصلاة، ... لكن كانت البدع في القرون الثلاثة الفاضلة مقموعة، وكانت الشريعة أعز وأظهر، وكان القيام بجهاد أعداء الدين من الكافرين والمنافقين أعظم ... » [3] .
وتعظيم الدين وشعائره دليل واضح وبرهان قاطع على تقوى صاحبه، قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ} [الحج: 30] . وقوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] .
قال ابن القيم رحمه الله: «قال جماعة من المفسرين: {حُرُمَاتِ اللَّهِ}
(1) «مدارج السالكين» (3/ 158) .
(2) وهذه البدع والمفتريات لها من يعظمها في العالم اليوم، فالواجب على المؤمن الموحد إهانتها، قال شيخ الإسلام رحمه الله: «فإن كل ما عظم بالباطل من مكان أو زمان، أو حجر أو شجر أو بنية يجب قصد إهانته، كما تهان الأوثان المعبودة، وإن كانت لولا عبادتها لكانت كسائر الأحجار» . «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 476) .
(3) «مجموع الفتاوى» (4/ 20 - 21) .