فهرس الكتاب
الصفحة 430 من 1137

ونجد في السنة - أيضاً - ما يوحي بالتنفير من ازدراء الناس واحتقارهم والنهي عن ذلك، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من قال: هلك الناس فهو أهلكَهمُ» [1] . ففي قوله - صلى الله عليه وسلم: «فهو أهلكهم» ، روايتان: الأولى: بالفتح «فهو أهلكَهم» : فعل ماض، يعني فهو الذي جر الهلاك لهم، والثانية: بالضم «فهو أهلكُهم» : فعل تفضيل، يعني أشدهم هلاكًا.

قال النووي بعد أن ذكر الروايتين في قوله: «أهلكهم» بالفتح والضم نقلًا عن الحميدي في الجمع بين الصحيحين - قال: «واتفق العلماء على أن هذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الإزراء على الناس واحتقارهم وتفضيل نفسه عليهم، وتقبيح أحوالهم، لأنه لا يعلم سر الله في خلقه.

قالوا: فأما من قال ذلك تحزنًا لما يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه كما قال: لا أعرف من أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أنهم يصلون جميعًا، هكذا فسره الإمام مالك وتابعه الناس عليه» [2] .

وقال البغوي رحمه الله عند شرح هذا الحديث: قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: معنى هذا أن لا يزال الرجل يعيب الناس، ويذكر مساويهم ويقول: قد فسد الناس، وهلكوا ونحو ذلك الكلام، وإذا فعل الرجل ذلك فهو أهلكهم وأسوؤهم حالًا فيما يلحق من الإثم في عيبهم والإزراء بهم، وربما أداه ذلك إلى العُجب بنفسه، ويرى أن له فضلًا عليهم، وأنه خير منهم، فيهلك» [3] .

(1) رواه مسلم في كتاب البر والصلة، باب النهي عن قول: «هلك الناس» ، برقم (2633) ، «نووي» (16/ 411 - 412) .

(2) «شرح صحيح مسلم» (16/ 413 - 414) .

(3) «شرح السنة» (13/ 144) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام