فهرس الكتاب
الصفحة 43 من 1137

قال ابن كثير رحمه الله: قال علي بن أبي طالب وابن عمه ابن عباس رضي الله عنهما: «ما بعث الله نبيًا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بَعَثَ الله محمدًا وهو حي ليؤُمِنَنَّ به وَيَنْصُرَنَّهْ، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليُؤْمِنُنَّ به وليَنْصُرُنَّه» [1] .

وخلاصة القول: في بيان عظمة هذا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - أن خصال الجلال والكمال البشري فيه نوعان:

أحدهما: ضروري دنيوي، والثاني: مكتسب ديني.

قال القاضي عياض رحمه الله: «أما الضروري: فما ليس للمرء فيه اختيار ولا اكتساب، مثل ما كان في جِبِلَّته من كمال خلقته، وجمال صورته، وقوة عقله، وصحة فهمه، وفصاحة لسانه وقوة حواسه وأعضائه، واعتدال حركاته، وشرف نسبه، وعزة قومه، وكرم أرضه (أي: موطنه: مكة المشرفة) ، ويلحق به ما تدعوه ضرورة حياته إليه، من غذائه ونومه، وملبسه ومسكنه، ومنكحه، وماله وجاهه ...

وأما المكتسبة الأخروية فسائر الأخلاق العلية والآداب الشرعية من الدين، والعلم، والحلم، والصبر، والشكر والعدل، والزهد والتواضع، والعفو والعفة، والجود والشجاعة، والحياء والمروءة، والصمت والتؤدة والوقار والرحمة، وحسن الأدب والمعاشرة، وأخواتها وهي التي جِمَاعُهَا حسن الخلق.

وقد تكون من هذه الأخلاق ما هو في الغريزة وأصل الجبلَّة لبعض الناس وبعضهم لا تكون فيه فيكتسبها» إلى أن قال: «إذا كانت خصال

(1) «تفسير القرآن العظيم» (1/ 565) . وانظر: «جامع البيان» (3/ 330) لابن جرير، و «الشفا» (1/ 60) للقاضي عياض، و «الدر المنثور» (2/ 84) للسيوطي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام