قال القاضي عياض رحمه الله: «أَعْلَمَ الله تعالى المؤمنين أو العرب، أو أهل مكة، أو أجمع الناس، على اختلاف المفسرين؛ من المواجه بهذا الخطاب، أنه بعث فيهم رسولًا من أنفسهم يعرفونه، ويتحققون مكانه، ويعلمون صدقه وأمانته فلا يتهمونه بالكذب وترك النصيحة لهم، لكونه منهم، وأنه لم تكن في العرب قبيلة إلا ولها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولادة أو قرابة ... وكونه من أشرفهم، وأرفعهم وأفضلهم على قراءة الفتح، وهذا نهاية المدح، ثم وصفه بعد بأوصاف حميدة، وأثنى عليه بمحامد كثيرة، من حرصه على هدايتهم ورشدهم وإسلامهم، وشدة ما يعنتهم ويضرب بهم في دنياهم وأخراهم وعزته ورأفته ورحمته بمؤمنهم، قال بعضهم: أعطاه اسمين من أسمائه: رؤوف رحيم» [1] .
ومنها: أن الله - جلَّ وعلا - أقسم بعظيم قدره، فقال: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72] .
قال القاضي عياض رحمه الله: «اتفق أهل التفسير في هذا أنه قَسَمٌ من الله - جل جلاله - بمدة حياة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ثم نقل عن ابن عباس قوله: «وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره» [2] .
ومنها: ما أخبر الله - عز وجل - به في كتابه العزيز من عظيم قدره وشريف منزلته على الأنبياء، فقال: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 81] .
(1) «الشفا» (1/ 15 - 16) .
(2) «الجامع لأحكام القرآن» (1/ 41) وأثر ابن عباس أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير (7/ 526) ، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم والبيهقي، كما في «الدر المنثور» (4/ 192) للسيوطي.