والكفر والكبائر، منها ما هو صحيح عنه، ومنها ما هو مفتعل عليه ممن هو مثله، وعلى طريقه ومسلكه في الكفر والتستر في المسخرة، يخرجونها في قوالب مَسْخرة، وقلوبهم مشحونة بالكفر والزندقة، وهذا كثير موجود فيمن يدعي الإسلام وهو منافق، يتمسخرون بالرسول ودينه وكتابه، وهؤلاء ممن قال الله فيهم: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ... } [التوبة: 65 - 66] [1] .
ومن صور الاستهزاء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبحديثه: ما وقع فيه بعض أهل البدع من رافضة، ومعتزلة وغيرهم، فمن ذلك ما أثر عن عمرو بن عبيد [2] .
قال الذهبي: «قال معاذ بن معاذ [3] ، سمعت عمرو بن عبيد - وهو من كبراء المعتزلة - ذكر حديث الصادق والمصدوق [4] - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لو سمعتُ الأعمش يقوله لكذبتُهُ، ولو سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا لرددتُه! ولو سمعت الله يقول هذا لقلت: ليس على هذا أخذت ميثاقنا» [5] .
(1) «البداية والنهاية» (11/ 95) .
(2) ابن أبي عثمان البصري المعتزلي القدري مع زهده وتألهه، توفي بطريق مكة سنة (143 هـ) ، وقيل: (144 هـ) . «ميزان الاعتدال» (3/ 273 - 280) ، و «السير» (6/ 104 - 106) كلاهما للذهبي.
(3) هو أحد ثقات أئمة المسلمين، توفي سنة (196 هـ) ، ترجمته في: «تاريخ بغداد» (13/ 131) للحافظ الخطيب البغدادي.
(4) رواه البخاري في القدر، أول حديث فيه، برقم (6594) ، «فتح» (11/ 486) ، ومسلم في القدر، أول حديث فيه، برقم (2643) ، «نووي» (16/ 429 - 430) .
(5) «ميزان الاعتدال» (3/ 278) ، و «السير» (6/ 104 - 105) كلاهما للذهبي.