بالشهداء فهم الكاذبون المفترون، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} [النور: 11 - 12] ، حقاً إن في هذا الحدث خير كثير، فهو يكشف عن الكائدين للإسلام في شخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته، وليتم العبودية المرادة من الصدِّيقة وأبويها، وتتم نعمة الله عليهم [1] .
ومن صور استهزاء المنافقين - أيضاً: ما حدث في غزوة المريسيع [2] - وتسمى غزوة بني المصطلق - من مقولة عبد الله بن أبي كما رواها شيخ المفسرين عن قتادة: « ... فقال رجل من المنافقين، وهو ابن أُبيّ: يا بني الأوس، يا بني الخزرج، عليكم صاحبكم وحليفكم! - يعني الأنصار - ثم قال: والله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل: «سمِّن كلبك يأكلك» . والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذل ... » [3] . ثم أقبل على من حضره من قومه، فقال: «هذا ما فعلتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم وقاسمتوهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم ... » [4] .
(1) انظر: «زاد المعاد» (3/ 262) لابن القيم، و «في ظلال القرآن» (4/ 2500) لسيد قطب.
(2) هو ماء لبني خزاعة بينه وبين الفرع (موضع من ناحية المدينة) مسيرة يوم. «زاد المعاد» (3/ 256) .
(3) «جامع البيان» (12/ 106 - 107) ، برقم (34174) . وانظر: «المحرر الوجيز» (5/ 313) لابن عطية.
(4) «البداية والنهاية» (4/ 127) لابن كثير. وانظر: «الرحيق المختوم» (ص 329 - 331) للمباركفوري.