العقائد، وإكمال الدين، وسعة الأحوال وغير ذلك ممَّا انتظمته هذه الملة الحنيفية، إلى دخول الجنة، والخلود في رحمة الله، هذه كلها نعم الله ... » [1] .
وقد جاء رجل من اليهود إلى عمر - رضي الله عنه - فقال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر يهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا. قال: أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} ، قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم، والمكان الذي نزلت فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم بعرفة يوم جُمعةٍ» [2] .
قال الحافظ: « ... فإن قيل: كيف دلت هذه القصة على ترجمة الباب؟ أجيب: من جهة أنها بينت أن نزولها كان بعرفة، وكان ذلك في حجة الوداع، التي هي آخر عهد البعثة حين تمت الشريعة وأركانها، والله أعلم» [3] .
ففي هذا العرض الموجز لتفسير آية المائدة: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ
(1) «المحرر الوجيز» (2/ 155) . وانظر: «الجامع لأحكام القرآن» (6/ 42) للقرطبي.
(2) رواه البخاري في الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه، برقم (45) ، «فتح» (1/ 129) ، وفي المغازي، باب حجة الوداع، برقم (4145) ، وفي تفسير سورة المائدة، باب {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ، برقم (4330) ، وفي «الاعتصام بالكتاب والسنة» ، أول حديث في الباب، برقم (6840) ، ومسلم في التفسير في أوله، برقم (3017) ، «نووي» (18/ 360) .
(3) «فتح الباري» (1/ 130) لابن حجر العسقلاني، وقد اسْتَوْفَى الكلام عن معنى إكمال الدين في آية المائدة، وما قاله المفسرون وغيرهم من العلماء كالإمام الشاطبي، وابن تيمية: فضيلة شيخنا د/ عابد السفياني في كتاب «الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية» (ص 136 - 147) ، وذكر بعض الأقوال المرجوحة حول تفسير الآية، منها: «تفسير الإكمال» بإتمام الحج ونفي المشركين عن البيت كما هو اختيار شيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله، وأجاب عن ذلك بأجوبة نافعة وتوجيه سديد، فليراجعه من أراد الفائدة.