فهرس الكتاب
الصفحة 331 من 1137

وتنقص لعظمة الألوهية، وسوء ظن برب العالمين، كما قال تعالى: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [الفتح: 6] ، حتى أشركوا به، ولو أحسنوا به الظن لوحدوه حق توحيده، ولهذا أخبر سبحانه عن المشركين أنهم ما قدروه حق قدره في ثلاثة مواضع من كتابه [1] ، وكيف يقدره حق قدره من جعل له عدلًا وندًا، يحبه، ويخافه، ويرجوه، ويذل له، ويخضع له، ويهرب من سخطه، ويؤثر مرضاته. قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ} [البقرة: 165] ، أي: يجعلون له عدلًا في العبادة والمحبة والتعظيم. وهذه التسوية التي أثبتها المشركون بين الله وبين آلهتهم، وعرفوا - وهم في النار - أنها كانت ضلالًا وباطلًا، فيقولون لآلهتهم وهم في النار معهم: {تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 97 - 98] ، ومعلوم أنهم ما سووهم به في الذات والصفات والأفعال، ولا قالوا: إن آلهتهم خلقت السموات والأرض، وأنها تحيي وتميت، وإنما سووها به في محبتهم لها، وتعظيمهم لها، وعبادتهم إياها كما ترى عليه أهل الإشراك ممن ينتسب إلى الإسلام» [2] .

ومن العجب أن أهل هذا الشرك، قد فعلوا فعل اليهود، فلبسوا الحق بالباطل، وكتموا الحق وهم يعلمون أو لا يعلمون، حيث نبزوا أهل التوحيد الخالص وألحقوا بهم فرية هم منها براء؛ فقالوا عنهم:

(1) سورة الأنعام: الآية 91، وسورة الحج: الآية 74، وسورة الزمر: الآية 67.

(2) «إغاثة اللهفان» (1/ 60 - 61) ، و «الدرر السنية» (2/ 154) ، و «بدائع التفسير» (4/ 16 - 17) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام