والرخام [1] ، والنذور تغدوا وتروح إليه، فهل هذا إلا من استخفافهم بالله وآياته ورسوله وتعظيمهم للشرك؟» [2] .
وقال الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله: « ... ومن المعلوم أن الشرك إنما حُرِّم لقبحه في نفسه، وكونه متضمنًا مسبَّة الرب، وتنقصه، وتشبيهه بالمخلوقين، فلا تزول هذه المفاسد بتغيير اسمه كتسميته توسلاً وتشفعاً وتعظيماً للصالحين، وتوقيرًا لهم ونحو ذلك، فالمشرك مشرك شاء أم أبى، كما أن الزاني زانٍ شاء أم أبى، والمرابي مرابٍ شاء أم أبى ... فلو كان الحكم دائرًا مع الاسم لا في الحقيقة لم يستحقوا الذمَّ، وهذه من أعظم مكائد الشيطان لبني آدم قديمًا وحديثًا، أخرج لهم الشرك في قالب تعظيم الصالحين، وتوقيرهم، وغيّر اسمه بتسميته إياه توسلاً وتشفعاً، ونحو ذلك، والله الهادي إلى سواء السبيل» [3] .
نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، ومن الحور بعد الكور، أصبح الشرك بالله تعالى في عبادته وربوبيته تعظيماً وتوقيراً، وانتقص بذلك الإله الخالق، وأصبح توحيده، وإفراده بالعبادة والقصد؛ استهزاءً في عرف من انتكست فطرهم وتغيرت مفاهيمهم، فهل هناك أعظم من هذا النقص والاستهزاء وسوء الظن برب العالمين.
قال ابن القيم رحمه الله: « ... وهذا لأن الشرك هَضمٌ لحق الربوبية،
(1) هذا الكلام من شيخ الإسلام لا يفهم منه أنه يدعو إلى زخرفة المساجد وتزيينها بالذهب والفضة والرخام، بدعوى عمارتها، كما قد يتوهم وإنما مقصوده اهتمامهم بالمظاهر الشركية، وتعظيمها أكثر من بيوت الله تعالى.
(2) «الدرر السنية» (8/ 147 - 148) ، وأصل النص جاء في «تلخيص الاستغاثة» (ص 346 - 350) متفرقًا بغير هذا السياق الذي جاء في الدرر، فكأنه نقل من هناك بتصرف واختصار، والله أعلم.
(3) «الدرر السنية» (2/ 144) جمع عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله.