فهرس الكتاب
الصفحة 273 من 1137

أي أن نترك الأوثان والأصنام لأجل قولك في أمر التوحيد والصلاة والزكاة كل ذلك «على الاستهزاء والتهكم بصلواته، والإشعار بأن مثله لا يدعو إليه داع عقلي، وإنما دعاك إليه خطرات ووساوس من جنس ما تُواظب عليه، وكان شعيبُ كثير الصلاة، فلذلك جمعوا وخصوا الصلاة بالذكر» [1] .

ثم ختم هؤلاء المستهزءون كلامهم الفاحش لشعيب - عليه السلام - بقولهم له: {إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} .

قال الإمام البخاري: «قال الحسن: {إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} يستهزئون به» [2] .

فيجيبهم النبي شعيب - عليه السلام - جواب المشفق عليهم من العذاب؛ بنداءٍ يدعوهم فيه لصلاحهم في الدنيا والآخرة: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88] ، إلى آخر الآيات التي توضح موقف شعيب منهم ودعوته إياهم إلى التوحيد والاستغفار والتوبة.

ومن صور الاستهزاء بالدين في الأمم الماضية: ما ورد من استخفاف النصارى بالصلاة التي هي فريضة على كل الأنبياء والمرسلين وأتباعهم ومن ذلك: «أن طوائف منهم - وهم الروم وغيرهم - لا يرون الاستنجاء بالماء. فيبول أحدهم ويتغوَّط، ويقوم بأثر البول والغائط إلى صلاته بتلك

(1) «محاسن التأويل» (4/ 327) للقاسمي. وانظر: «تفسير القرآن العظيم» (2/ 706) لابن كثير.

(2) من كتاب التفسير، من أول تفسير سورة هود، فتح الباري (8/ 199 - 200) . وانظر: «المسير» (4/ 150) لابن الجوزي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام