الصلاة والسلام -، من الشرك به - سبحانه وتعالى - على شكل عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر، وقد دخلت الشبهة على قوم نوح في عبادة تلك الأصنام مع أنها أسماء رجال صالحين في قوم نوح كما روى البخاري عند تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23] ، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وفيه: « ... أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلمَّا هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسَّخ العلم عُبِدَتْ» [1] .
فعبدت هذه الأصنام من دون الله تعالى، واتخذ المشركون من قوم نوحٍ اللهَ - تبارك وتعالى - وتوحيده سُخريًا؛ بعبادة تلك الأصنام من دون الله، قال شيخ الإسلام: «وذلك أن هؤلاء الضالين مستخفون بتوحيد الله يعظمون دعاء غيره من الأمور، وإذا أمروا بالتوحيد ونهوا عن الشرك استخفوا به، .... فاستهزءوا بالرسول لمَّا نهاهم عن الشرك، وقال تعالى عن المشركين: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ} [الصافات: 35، 36] » [2] .
(1) «فتح» (8/ 535) ، برقم (4920) ، وقد عقد الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين. وساق فيه آية نوح وأثر ابن عباس الذي ذكرت آنفًا وفوائد أخر من مسائل الباب وغيرها. انظر: «فتح المجيد» (ص 242 - 252) .
(2) «تلخيص الاستغاثة» (ص 346 - 347) لابن تيمية.