والنقص وعصيانه [1] .
قال القرطبي رحمه الله: «اختلف العلماء في أذية الله بماذا تكون؟ فقال الجمهور من العلماء: معناه بالكفر ونسبة الصاحبة والولد والشريك إليه، ووصفه بما لا يليق به؛ كقول اليهود لعنهم الله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64] . والنصارى: المسيح ابن الله، والأصنام شركاءُه ... » [2] .
وفي الباب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: «يشتمني ابن آدم، وما ينبغي له أن يشتمني، ويكَذِّبني وما ينبغي له، أما شتمه فقوله: إنَّ لي ولداً، وأمَّا تكذيبُهُ، فقوله: ليس يُعيدُني كما بدأني» [3] .
وإذن: فلابُدَّ من الوقوف على بعض الصور في جانب الاستهزاء والتنقص لله - سبحانه وتعالى - ممَّن غلبت عليهم شقوتهم، واتخذوا سبيل الغي سبيلًا، فاعتدوا في حق الله تعالى ووصفوه بالعيب والنقص، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا.
فمن تلك الصور: ما ظهر في تاريخ البشرية [4] على يد قوم نوح - عليه
(1) انظر: «زاد المسير» (6/ 419 - 420) لابن الجوزي.
(2) «الجامع لأحكام القرآن» (14/ 152 - 153) ، وانظر: «معالم التنزيل» (3/ 543) للبغوي.
(3) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: 27] ، برقم (3193) «فتح» (6/ 331) ، وفي التفسير، باب قوله: {اللَّهُ الصَّمَدُ} ، برقم (4975) .
(4) كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على التوحيد، ثم ظهر الشرك في قوم نوح - عليه السلام -، قال ابن عباس، وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -، أن رجلًا قال: يا رسول الله أنبي كان آدم؟ قال: «نعم مُكَلَّم» ، قال: فكم كان بينه وبين نوح؟ قال: «عشرة قرون» . انظر: «صحيح ابن حبان» (14/ 69) كتاب التأريخ، باب بدء الخلق، برقم (6190) ، وقال الهيثمي في «المجمع» (8/ 210) : «رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن خليج الحلبي، وهو ثقة ... » .