حق وأنَّ رسوله حق، يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ولا فرق، وكل ما مَوَّهْتم به من الباطل والكذب في هؤلاء أمكن الكرَّامية مثله سواء بسواء في المنافقين وقالوا: لم يكفروا قط بإبطانهم الكفر لكن مِمَّا سمّاهم الله بأنهم آمنوا ثمَّ كفروا علمنا نطقوا بعد ذلك بالكفر ولابُدَّ بشهادة الله تعالى بذلك كما ادعيتم أنتم شهادته تعالى على ما في نفوس الكفار ولا فرق.
وكلتا الشهادتين من هاتين الطائفتين كذب على الله - عز وجل -، وما شهد الله - عز وجل - قط على إبليس وأولي الكتاب بالكفر إلّا بما أعلنوه من الاستخفاف بالنبوة، وبآدم وبالنبي - صلى الله عليه وسلم - فقط، ولا شهد تعالى قط على المنافقين بالكفر إلّا بما أبطنوه من الكفر فقط، وأمَّا هنا فتحريف للكلم عن مواضعه، وإفك مفترى ونعوذ بالله من الخذلان» [1] .
وقد انتشر هذا الفكر الإرجائي في عالمنا الإسلامي وخاصة في مؤسساته التعليمية ومعاهده الدينية، وعند أهل العلم والفتوى والدعوة والإرشاد - إلا من رحم ربك [2] ، وتلقاه العامة من علماء السوء، وفشى في الأمة الشرك الأكبر من الطواف بالقبور، والنذر لها، والذبح عندها تقربًا لأصحابها كما في كثير من أقطار الإسلام، وظهر من بين صفوف الأمة في الوقت الحاضر من يستهزئون بالدين وقيمه وشرائعه بل وبالله - تبارك وتعالى -، وبرسله -، عليهم الصلاة والسلام - على صفحات الصحف السيارة، والمجالات المنحرفة، وعَبْرَ المسلسلات التمثيلية،
(1) «الفِصَلْ» (3/ 259 - 260) لابن حزم.
(2) ومنهم علماء المملكة العربية السعودية فقد بقوا إلى اليوم على منهج السلف، وخاصة في الإيمان، وذلك بفضل الله ثُمَّ بفضل دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وهذا لا يعني أنهم وحدهم على هذا المنهج، بل هناك في أقطار العالم الإسلامي بقايا من أهل العلم على ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ونسأل المولى عز وجل أن يثبت الجميع على الحق، وأن يهدي ضال المسلمين.