وأيضاً فإنَّ كونه منهم حُكْمٌ متعلق بلفظ مشتق من اللمز والأذى، وهو مناسب لكونه منهم، فيكون ما منه الاشتقاق هو علَّة لذلك الحكم، فيجب اطّرادُه» [1] .
ويقول الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب وهو يتحدث عن المنافقين وصفاتهم، ومنها الاستهزاء بالدين وأهله: «وقد وصف الله المنافقين في كتابه بأوصافهم وذكر شعب النفاق لتجتنب ويجتنب أهلها أيضاً، فوصفهم بالفصاحة والبيان وحسن اللسان بل وحسن الصورة، في قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} [المنافقون: 4] ، ووصفهم بالمكر والكذب والاستهزاء بالمؤمنين في أول البقرة، ووصفهم بكلام ذي الوجهين، ووصفهم بالدخول في المخاصمات بين الناس، بما لا يحب الله ورسوله في قوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ... } [المائدة: 41] ، ووصفهم باستحقارهم المؤمنين والرضى بأفعالهم، وَوَصَفَهُمْ بغير ذلك، كُلُّ ذلك نصيحةٌ لعباده ليجتنبوا الأوصاف ومن تلبَّسَ بها» [2] .
وبهذا يعلم المسلمون أن صدور الاستهزاء من المنافقين أمر معلوم، وظاهرة قديمة وحديثة، إذ الدافع لهذا الاستهزاء منهم هو النفاق، استجابةً لما يريده إخوانهم اليهود والمشركون.
(1) «الصارم المسلول» (ص 39 - 40) .
(2) «الدرر السنية» (1/ 32) جمع عبد الرحمن بن قاسم.