دعاء العبادة هو اختيار العبد لمنهج الله هاديا دليلا، ويسعد به ولا يرضى عنه بديلا، لعلمه ويقينه أنه الأعلى شأنا والأسمى كمالا، بل لا وجه للمقارنة بين منهج من وضع العبد وآخر من وحي خالقه، فالذي وحد الله في اسمه الحكيم هو العبد الرباني المؤمن النقي التقي الولي الذي يسمع بسمع الله، ولا يسمع إلا ما يرضيه، ويبصر بنور الله، فلا يرى إلا ما يرضيه .
روى البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: ( إِنَّ اللهَ قَال: مَنْ عَادَى لي وَليًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلي عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلي مِمَّا افْتَرَضْتُ عَليْهِ، وَمَا يَزَال عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلي بِالنَّوَافِل حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ التِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلهُ التِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيءٍ أَنَا فَاعِلهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ ) (1) ، فأي حكمة يحقق بها العبد توحيد الله في اسمه الحكيم أفضل من أن يعصمه من الزلل ويعطيه إن سأل .
قال الله - عز وجل: { يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولو الأَلبَابِ } [البقرة:269] ، وقال تعالى: { لقَدْ مَنَّ اللهُ عَلى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلو عَليْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْل لفِي ضَلال مُبِينٍ } [آل عمران:164] .
(1) البخاري في الرقاق، باب التواضع 5/2384 (6137) .