بحسب الأزمنة والأحوال» [1] .
ومما يدل على شمولية العدل في حياة المسلم والمجتمع كله، وروده في كتاب الله تعالى في مواضع مختلفة، وصورًا وأشكال متنوعة [2] .
منها ما ورد خطابًا لعموم المؤمنين، مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135] .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «يأمر الله عباده المؤمنين أن يكونوا قوَّامين بالقسط، أي: العدل، فلا يعدلوا عنه يميناً ولا شمالاً، ولا تأخذهم في الله لومة لائم ولا عنه صارف، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين فيه، ... » إلى أن قال: «فقوله: {فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا} ، أي: فلا يحملكم الهوى والمعصية وبغض الناس إليكم على ترك العدل في أموركم وشؤونكم، بل الزموا العدل على أي حال» [3] .
ويؤكد هذا ويسانده ما في سورة المائدة [آية: 8] قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} ، أي: «بأن تنشط للقيام بالقسط حركاتكم الظاهرة والباطنة، وأن يكون ذلك القيام لله وحده لا لغرض من الأغراض الدنيوية، وأن
(1) «تيسير الكريم الرحمن ... » (8/ 85) .
(2) وأكتفي هنا بنوع واحد وهو الخطاب العام للمؤمنين، دون ما ورد في قضايا خاصة مثل العدل مع الزوجات والأولاد، والميراث ونحوها، فلها مجال آخر يطول المقام بتتبعها.
(3) «تفسير القرآن العظيم» (1/ 859) .