فهرس الكتاب
الصفحة 926 من 1137

عبدًا لله تعالى يعيش في ظل شريعة ربانية تسيطر على المجتمع المسلم كله ليكون الدين والتشريع جميعه له تبارك وتعالى، يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: «المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه، حتى يكون عبدًا لله اختيارًا، كما هو عبد الله اضطرارًا، والدليل على ذلك النص الصريح الدال على أن العباد خلقوا للتعبد لله، والدخول تحت أمره ونهيه لقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ} [الذاريات: 56 - 57] ... إلى غير ذلك من الآيات الآمرة بالعبادة على الإطلاق، وبتفاصيلها على العموم، فذلك كله راجع إلى الرجوع إلى الله في جميع الأحوال، والانقياد إلى أحكامه على كل حال. وهو معنى التعبد لله» [1] .

وقد وصف الله هذه الشريعة بقوله جل ثناؤه: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 18] .

فالواجب على المسلم تحكيم الشريعة في العبادات والمعاملات، والأخلاق والسلوك، والحدود، والاقتصاد، والسياسة والإعلام، والفنِّ، وكل مجالات الحياة، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162 - 163] .

فكل مجالات الحياة لا بد أن تستظل بظل «لا إله إلا الله» إيمانًا وتعبدًا، وتشريعًا وأخلاقًا، وفكرًا وحضارة [2] ، فكل هذا يعتبر من مقتضيات هذه الكلمة التي متى تخلفت عنها مقتضياتها أصبحت كلمة لا روح فيها: ولا ثقل لها في نفوس المسلمين - ولو قالوها مئات المرات - ولا أثر لها في واقع المجتمع المسلم والأمة المسلمة.

(1) «الموافقات» (2/ 168 - 169) .

(2) انظر: كتاب «لا إله إلا الله عقيدة وشريعة ومنهاج حياة» لمحمد قطب.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام