فهرس الكتاب
الصفحة 839 من 1137

والاستخفاف احتقار، والمودة تستدعي تعظيم المودود» [1] .

إذًا فلا يجوز بحال اتخاذ المستهزئين بدين الله أولياءً وأنصارًا من دون المؤمنين، فمن فعل هذا «دل على أن الإسلام عنده رخيص، وأنه لا يبالي بمن قدح فيه أو قدح بالكفر والضلال، وأنه ليس عنده من المروءة والإنسانية شيء فكيف تدعي لنفسك دينًا قيمًا وأنه الدين الحق وما سواه باطل وترضى بموالاة من اتخذه هزوًا ولعبًا وسخرية به وبأهله من أهل الجهل والحمق، وهذا فيه من التهيج على عداوتهم ما هو معلوم لكل من له أدنى مفهوم» [2] .

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلك مع المستهزئين طرائق عدة في مقابلة شتمهم واستهزائهم، منها على سبيل المثال لا الحصر ما كان للشعر من أهمية بالغة لا تقل عن غيره من الأسلحة الفتاكة بالعدو، وقد اتخذ - عليه الصلاة والسلام - شعراء من أصحابه ينافحون عن الدين وعن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لأن له - أي الشعر: «من التأثير في الأذى والصد عن سبيل الله ما ليس للكلام المنثور، ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر حسان أن يهجوهم ويقول: «لهو أنكى فيهم من النبل» [3] فيؤثر هجاؤه فيهم أثرًا عظيمًا، يمتنعون به من أشياء لا يمتنعون عنها لو سبوا بكلام منثور أضعاف الشعر» [4] .

ولأهمية الشعر - وبخاصة الهجاء - في الدفاع عن الدين والدعوة الإسلامية بوَّب الإمام البخاري في كتاب الأدب «باب هجاء المشركين» وساق فيه أربعة أحاديث، منها: حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -

(1) «التحرير والتنوير» (6/ 241) .

(2) «تيسير الكريم الرحمن ... » (2/ 146 - 147) للعلامة السعدي.

(3) سيأتي تخريجه قريبًا بلفظه عند مسلم.

(4) «الصارم المسلول» (ص 88) لابن تيمية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام