آخر ولهذا لم يعذر الله الكفار بعدم فهمهم بعد أن بلغتهم حجته وبيِّناته وهذا ظاهر بحمد الله» [1] .
لكن هناك أمور ظاهرة في الشريعة الإسلامية، معلومة من الدين بالضرورة لأهل الإسلام، كالتوحيد، ووجوب الصلاة والصيام، وغيرها، فلا يتوقف في تكفير منكرها أو المستخف بها، ولا يشترط في حقه التعريف بحكم الله فيه.
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: «ومسألة تكفير المعيَّن مسألة معروفة إذا قال قولًا يكون القول به كفرًا، فيقال: من قال بهذا القول فهو كافر، لكن الشخص المعيَّن إذا قال ذلك لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها، وهذا في المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض الناس ... وأمَّا ما يقع منهم في المسائل الظاهرة الجلية، أو ما يعلم من الدين بالضرورة فهذا لا يتوقف في كفر قائله» [2] .
ويقول العلّامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ: «إنَّ الذين توقفوا في تكفير المعيَّن، في الأشياء التي قد يخفى دليلها، فلا يكفر حتى تقوم عليه الحجة الرسالية من حيث الثبوت والدلالة، فإذا أوضحت له الحجة بالبيان الكافي كفر سواء فهم، أو قال: ما فهمت، أو فهم وأنكر، وليس كُفْرُ الكفَّار كله عن عناد، وأمَّا ما علم بالضرورة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء به وخالفه، فهذا يكفر بمجرد ذلك، ولا يحتاج إلى تعريف سواءً في الأصول أو الفروع [3] ما لم يكن
(1) «الدرر السنية» (8/ 210، 212) . وانظر: المصدر نفسه (8/ 245) .
(2) «الدرر السنية» (8/ 244) . وانظر: المصدر نفسه (8/ 90، 214) .
(3) لا فرق في ذلك بين الأصول والفروع، ومن قال بالتفريق بينهما من الفقهاء، فقد غلط، وتأثر بالمعتزلة وأمثالهم من أهل الأهواء والبدع، وهذا التفريق من حيث التكفير بها وعدمه، لا يعرف عن الصحابة والتابعين، ولا عن أئمة الإسلام وعلمائه، فهو تفريق باطل. انظر: «مجموع الفتاوى» (13/ 118، 19/ 211، 23/ 346 - 347) لابن تيمية، و «منهاج السنة» (5/ 87 - 95) ، و «مختصر الصواعق
المرسلة» (ص 489 - 490) للموصلي.