فهرس الكتاب
الصفحة 793 من 1137

فهم أبي بكر - رضي الله عنه - بل إذا بلغه كلام الله ورسوله وخلا من شيء يعذر به فهو كافر، كما كان الكفَّار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن، مع قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ} [الأنعام: 25] ، وقوله: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} [الأنفال: 22] [1] .

ولا شك أنَّ هناك فرقًا بين قيام الحجة وفهم الحجة، يقول رحمه الله أيضاً: « ... فهذا من العجب كيف تشُكُّون في هذا وقد أوضحته لكم مرارًا [2] ، فإنَّ الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام، والذي نشأ بباديةٍ بعيدة أو يكون ذلك في مسألة خفية مثل الصرف والعطف [3] فلا يكفر حتى يُعَرَّف؛ وأمَّا أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه، فإنَّ حُجَّة الله هو القرآن فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة، ولكن أصل الإشكال أنكم لم تفرِّقوا بين قيام الحجة وبين فهم الحجة، فإنَّ أكثر الكفار والمنافقين من المسلمين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 44] ، وقيام الحجة وبلوغها نوع، وقد قامت عليهم، وفهمهم إيَّاها نوع آخر، وَكَفَّرهُم ببلوغها إياهم وإن لم يفهموها» [4] .

ويقول العلَّامة عبد الله أبا بطين رحمه الله في الفرق بين بلوغ الحجة وفهم الحجة: « ... وبلوغ حجج الله وبيِّناته وإن لم يفهمها من بلغته

(1) «الدرر السنية» (8/ 79، 114) . وانظر: المصدر نفسه (8/ 207 - 208) .

(2) يخاطب الشيخ بهذا الكلام بعض من استجاب لدعوته، ولم تتبين له بعض المسائل.

(3) نوع من السحر، يزعمون أنه يحبب المرأة لزوجها فلا ينصرف عنها لغيرها، أو العكس.

(4) «الدرر السنية» (8/ 90) . وانظر: المصدر نفسه (8/ 245) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام