فهرس الكتاب
الصفحة 773 من 1137

ابن حجر في «الفتح» إحدى روايات هذا الحديث التي تبين أن عليًا استتابهم ثلاثًا فأبوا، قال: قيل لعلي: إن هنا قومًا على باب المسجد يدعون أنك ربهم، فدعاهم فقال لهم: ويلكم ما تقولون؟ قالوا: أنت ربنا وخالقنا ورازقنا، فقال: ويلكم! إنما أنا عبد مثلكم آكل الطعام كما تأكلون وأشرب كما تشربون، إن أطعت الله أثابني إن شاء، وإن عصيته خشيت أن يعذبني، فاتقوا الله وارجعوا؛ فأبوا، فلما كان في الغد غدوا عليه فجاء قنبر فقال: قد والله رجعوا يقولون ذلك الكلام، فقال: أدخلهم. فقالوا كذلك، فلما كان الثالث قال: لئن قلتم ذلك لأقتلنكم بأخبث قتلة، فأبوا إلا ذلك، فقال: يا قنبر ائتني بفعله معهم مرورهم فَخَدَّ لهم أخدودًا بين باب المسجد والقصر، وقال: احفروا فأبعدوا في الأرض، وجاء بالحطب فطرحه بالنار في الأخدود وقال: إني طارحكم فيها أو ترجعوا، فأبوا أن يردعوا فقذف بهم فيها حتى احترقوا، قال:

إني إذا رأيت أمرًا منكرًا ... أوقدت ناري ودعوت قنبرًا [1]

وهذا القول - أعني قبول توبة الزنديق - هو الأقرب للصواب، لخبر علي مع الزنادقة، واتفاق الصحابة على قتلهم؛ إلا ما كان من ابن عباس - رضي الله عنه - من إنكاره على علي في كيفية قتلهم، وأنه لا يعذب بعذاب الله إلا الله.

واشترط العلماء - رحمة الله عليهم - لتوبة الزنديق المنافق: الإخلاص، واستدلوا عليه بقوله تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ

(1) «فتح الباري» (12/ 282) وقال: وهذا سند حسن.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام