أمَّا الأدلة من القرآن فهي:
الدليل الأول:
قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} [التوبة: 74] .
قال الإمام البغوي - عليه رحمة الله: « ... {وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ} ، أي: أظهروا الكفر بعد إظهار الإيمان والإسلام. وقيل: هي سب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: كلمة الكفر قول الجلاس: لئن كان محمد صادقًا لنحن شر من الحمير، وقيل: كلمة الكفر قولهم: {لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} .... » [1] .
فيلاحظ في الآية الكريمة أن الله - عز وجل - لم يحكم على قائل تلك الكلمة - على اختلاف في سبب نزول الآية [2] - بالكفر بعد الإسلام إلا بعد إظهارها من المنافقين، «فدل هذا على أن المنافقين كفار، وفي قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} [المنافقون: 3] دليل قاطع» [3] . وقال القرطبي في معنى آية المنافقين: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} : «هذا إعلام من الله تعالى بأن المنافق كافر، أي: أقروا باللسان ثم كفروا بالقلب» [4] .
(1) «معالم التنزيل» (2/ 312) .
(2) انظر: «أسباب نزول القرآن» (256) للواحدي، و «أسباب النزول» (ص 195 - 197) للسيوطي.
(3) «الجامع لأحكام القرآن» (8/ 131) للقرطبي.
(4) المصدر نفسه (17/ 81) . وانظر: «معالم التنزيل» (4/ 347) للبغوي.