فهرس الكتاب
الصفحة 733 من 1137

من القرآن والسنة، والاستهزاء بالمتمسك بهما نظرًا لما تمسك به؛ كإعفاء اللحية، وتحجب المسلمة هذا كفر إذا صدر من مكلف، وينبغي أن يبين له أن هذا كفر؛ فإن أصرَّ بعد العلم فهو كافر، قال الله تعالى: { .... قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [1] .

* الحالة الثانية:

إذا كان الاستهزاء والتنقص لأهل العلم لذواتهم وبشريتهم دون علمهم، وفقههم وديانتهم، فلا يصل في هذه الحالة إلى الكفر والقتل، بل هو من المحرمات والإثم الذي قال الله تعالى عنها: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب: 58] .

قال ابن جرير: وقوله: {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} يقول: فقد احتملوا زورًا وكذبًا وفرية شنيعة، وبهتانًا: أفحش الكذب ... » [2] .

وقال القرطبي: «أذية المؤمنين والمؤمنات هي أيضاً بالأفعال والأقوال القبيحة، كالبهتان والتكذيب الفاحش المختلق، وهذه الآية نظيرُ الآية التي في النساء: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [النساء: 112] ، كما قال هنا. وقد قيل: إنّ من الأذية تعييره بِحَسَبٍ مذموم، أو حرفة مذمومة، أو شيء يثقل عليه إذا سمعه، لأن أذاه في الجملة حرام، وقد ميّز الله تعالى بين أذاه وأذى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأذى المؤمنين فجعل الأول كفرًا، والثاني كبيرة» [3] ،

(1) «فتاوى اللجنة الدائمة» (2/ 13 - 14) .

(2) «جامع البيان» (10/ 331) .

(3) «الجامع لأحكام القرآن» (14/ 154) . وانظر: «المحرر الوجيز» (4/ 398) ، ويشترك في هذا الحكم مع العلماء بقية المؤمنين.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام