فهرس الكتاب
الصفحة 728 من 1137

ذهبت مروءته» [1] .

فالاستهزاء بأهل العلم والفضل، والقدح فيهم بما هم منه براء، إثم كبير قد يفضي بصاحبه إلى الكفر وهو لا يشعر لقد قال رجل من المسلمين في غزوة تبوك: «ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء» [2] ، فإذا بالقرآن ينزل في بيان جرم هذا المفتري ومن معه، موضحًا أنّ ذلك استهزاء بالله وآياته، ورسوله، قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ 65} لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ... [التوبة: 65] ، فلقد بيّن الله - عز وجل - أن الاستهزاء بالرسول وأصحابه استهزاء بالله تعالى، وذلك لبيان خطر الاستهزاء بالعلماء، فاحذر الاستخفاف بهم، وغيبتهم فإنه حرام، وكبيرة من كبائر الذنوب، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أتدرون ما الغيبة؟» ، قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «ذكرك أخاك بما يكره» ، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه تقول فقد بهته» [3] .

قال ابن تيمية رحمه الله: « ... ومنهم من يخرج الغيبة في قالب تمسخر ولعبٍ، ليضحك غيره باستهزائه، ومحاكاته، واستصغار المستهزأ به» [4] .

أنّ له حالتين:

(1) «السير» (17/ 251) للذهبي.

(2) سبق تخريجه (ص 284) .

(3) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم الغيبة، برقم (2589) ، «نووي» (16/ 378 - 379) .

(4) «مجموع الفتاوى» (28/ 237 - 238) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام