وتعالى - أو شتم رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو شتم نبيًا من أنبياء الله - صلوات الله وسلامه عليهم - قتل إذا كان مظهرًا للإسلام بلا استتابة، ومنهم من يجعلها ردة يستتاب منها فإن تاب وإلا قتل.
والأولى تحصيل المذهب، وأما الذمي فيقتل إن سب الله أو سب رسوله إلا أن يسلم، وقد قيل: كل من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل مسلمًا كان أو ذميًا على كل حال، وكلا القولين عن مالك ذكرهما ابن عبد الحكم وغيره» [1] .
وقال الإمام القاضي ابن رشد الحفيد [2] : « ... لا خلاف في أن من سب النبي - عليه السلام - أو عابه أو نقصه بشيء من الأشياء يقتل ولا يستتاب مسلمًا كان أو كافرًا أو ذميًا، إلا أن يبدو الذمي فيسلم قبل أن يقتل من غير أن يستتاب، فلا يقتل لقوله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ ... } [الأنفال: 38] .
وكذلك حكم سائر الأنبياء فيمن شتم أحدًا منهم أو نقصه لقوله تعالى: { ... لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ} [البقرة: 285] [3] .
وفي هذا المعنى يقول العلامة القرافي [4] : «وكل نبي أو مَلَك حكمه في ذلك كما تقدم، إن أجمعت الأمة على أنه نبي أو مَلَك وإلا لم ينته
(1) «الكافي في فقه أهل المدينة المالكي» (2/ 1091 - 1092) .
(2) أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي، توفي سنة (595 هـ) . انظر: «العبر» (3/ 111) ، و «النجوم الزاهرة» (6/ 138) ، و «شذرات الذهب» (4/ 320) ، «شجرة النور الزكية» (ص 146 - 147) .
(3) «البيان والتحصيل» (16/ 398) .
(4) شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي الصنهاجي المصري الإمام العلامة، عمدة أهل التحقيق، من جلّة علماء المالكية، توفي سنة (684 هـ) . انظر: «شجرة النور الزكية» (ص 188 - 189) .