فهرس الكتاب
الصفحة 586 من 1137

ولأجل الاستفادة من أدلة القرآن العزيز والسنة النبوية الصحيحة لا بد من معرفة منهج الراسخين في العلم، وكيف يتعاملون مع النصوص الشرعية، فيهتدون بذلك إلى الصراط المستقيم، ومسلك أصحاب رسوله الكريم، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان. يقول الإمام أبو إسحاق الشاطبي - عليه رحمة الله: «فاعلم أن أخذ الأدلة على الأحكام يقع في الوجود على وجهين:

أحدهما [1] : أن يؤخذ الدليل مأخذ الافتقار، واقتباس ما تضمنه من الحكم، ليعرض عليه النازلة المفروضة، لتقع في الوجود على وفاق ما أعطى الدليل من الحكم» إلى أن قال: «والراسخون في العلم ليس لهم هوى يقدمونه على أحكام الأدلة، فلذلك يقولون: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7] ، ويقولون: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8] فيتبرؤون إلى الله بما ارتكبه أولئك الزائغون، فلذلك صار أهل الوجه الأول محكمين للدليل على أهوائهم، وهو أصل الشريعة، لأنه إنما جاءت لتخرج المكلف عن هواه، حتى يكون عبدًا لله» [2] .

هذا جانب من منهج الراسخين في العلم، والجانب الآخر: ما أشار إليه الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ - رحمه الله تعالى - بقوله: «من الأسباب المانعة عن فهم كتاب الله أنهم ظنوا أن ما حكى الله عن

(1) أمَّا الثاني: «أن يؤخذ مأخذ الاستظهار على صحة غرضه في النازلة العارضة بأن يظهر بادئ الرأي موافقة ذلك الغرض للدليل، من غير تحر لقصد الشارع، بل المقصود منه تنزيل الدليل على وفق غرضه، وهذا الوجه هو شأن اقتباس الزائغين الأحكام من الأدلة ... فليس مقصودهم الاقتباس فيه منها وإنما مرادهم الفتنة بها بهواهم إذ هو السابق المعتبر وأخذ الأدلة فيه بالتبع، لتكون لهم حجة في زيغهم» . فهؤلاء « ... يحكمون أهواءهم على الأدلة حتى تكون الأدلة في أخذهم لها تبعًا» . اهـ. «الموافقات» (3/ 77 - 78) .

(2) «الموافقات» (3/ 77 - 78) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام