نظر طه حسين لليونان فوجد لهم أساطير وللرومان فوجدهم كذلك، والناس يتلقون هذه الأساطير برغبة ملحة، والعرب لا يوجد عندهم هذا النوع من العلم، فقام بسد هذه الحاجة!! التي يفتقدها العرب فألف «على هامش السيرة» قال فيه: وعلى غرار الأساطير اليونانية والرومانية يمكن أن نأخذ من أدبنا العربي، ففي الأدب العربي قوته الخاصة، وما يكفل للناس من لذة ومتاع، فأحاديث العرب الجاهليين وأخبارهم لم تكتب مرة واحدة ... وقل مثل ذلك السيرة نفسها» [1] .
وقال أيضاً موضحًا أمانته العلمية وتواضعه!!: «قصدت حين أمليت فصول هذا الكتاب. ولستُ أريد أن أخدع القراء عن نفسي ولا عن هذا الكتاب، فإني لم أفكر فيه تفكيرًا ولا قدرته تقديرًا، ولا تعمدت تأليفه وتصنيفه كما يتعمد المؤلفون، وإنما دفعت إلى ذلك دفعًا وأكرهت إليه إكراهًا، ورأيتني أقرأ السيرة فتمتلئ بها نفسي، ويفيض بها قلبي وينطق بها لساني وإذا أنا أملي هذه الفصول» [2] ، فما أدري حقيقة أي كتاب قرأ في السيرة النبوية، هل قرأ سيرة ابن إسحاق؟ أو قرأ مغازي موسى بن عقبة (ت 140) وهو محدث ثقة من تلاميذ الإمام الزهري، أم أن طه قرأ السيرة التي كتبها المستشرقون وأفراخهم في العالم الإسلامي فتشبع بها وامتلأت بها نفسه، وفاض قلمه، والحقيقة أن ثقافة طه ثقافة غربية مشبوهة حتى عن الإسلام، «وأحسب أن نفسه امتلأت حقدًا وقلبه كرهًا
(1) «دراسات في السيرة النبوية» (ص 228 - 229) محمد زين العابدين. وانظر: «الفكر الإسلامي المعاصر» (ص 108 - 109) غازي التوبة، و «الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر» (20/ 295 - 296) محمد محمد حسين.
(2) على هامش السير (1/ط) .