فهرس الكتاب
الصفحة 425 من 1137

[التوبة: 65 - 66] ، وهذا مثل من يغضب فيذكر له حديث عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أو حكم من حكمه أو يُدْعَى إلى سنته فيلعن ويقبح ونحو ذلك ... » [1] . فهذا يصدق عليه قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] ، «فإذا كان المخالف عن أمره قد حذر من الكفر والشرك أو من العذاب الأليم، دلَّ على أنه قد يكون مفضيًا إلى الكفر أو العذاب الأليم، ومعلوم أن إفضاءه إلى العذاب الأليم هو مجرد المعصية، فإفضاؤه إلى الكفر إنما هو لِما قد يقترن به من استخفاف بحق الآمر، كما فعل إبليس، فكيف لِما هو أغلظ من ذلك كالسبِّ والانتقاص ونحوه» [2] .

وفي ختام هذا المبحث الذي وقفنا فيه على صور الاستهزاء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أذكر بما قاله الإمام ابن بطة العكبري - إمام من أئمة السنة - في التحذير من السخرية برسول الإسلام، بعد أن ذكر كلام الصديق - رضي الله عنه - في إتباع السنّة. قال: «هذا يا أخواني الصديق الأكبر، يتخوف على نفسه الزيغ إن هو خالف شيئًا من أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فماذا عسى أن يكون من زمان أضحى أهله يستهزئون بنبيهم وبأوامره، ويتباهون بمخالفته، ويسخرون بسنته، نسأل الله عصمة من الزلل، ونجاة من سوء العمل» [3] .

هذا الكلام الذي قاله الإمام ابن بطَّة في أهل القرن الرابع الهجري، مع قرب العهد وظهور الإسلام وقوته، فكيف لو رأى ما نعيشه في القرن الرابع عشر من الأهوال والافتراء، والاستهزاء بدين الإسلام، ورسول رب العالمين، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

(1) «الصارم المسلول» (ص 528) لابن تيمية.

(2) المصدر السابق (ص 61) لابن تيمية.

(3) «الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ... » (1/ 246) تحقيق رضا نعسان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام