فهرس الكتاب
الصفحة 407 من 1137

وأكرم رسوله، فثبت ملكه، فيقال: إن الملك باق في ذريته إلى اليوم [1] ، وكسرى مزَّق كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستهزأ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقتله الله بعد قليل، ومزَّق ملكه كل مُمَزَّق، ولم يبق للأكاسرة مُلكٌ، وهذا والله أعلم تحقيقٌ لقوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر 3] ، فكل من شنأه وأبغضه وعاداه، فإن الله يقطع دابره ويمحق عينه وأثره ... » [2] .

وهذا - أيضاً - مصداق قوله تعالى: {فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأنعام: 10 - والأنبياء 41] ، أي نزل بهم عقوبة استهزائهم برسول الله - عليهم الصلاة والسام -. وهذه سنة الله في أعدائه، وأعداء رسله المكذبين، الذين يصدون عن سبيله، ويعادون أولياءه: الذين يقضون بالحق وبه يعدلون.

ومن صور الاستهزاء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ما فعله بعض من ارتد عن دين الإسلام، فقد روى أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: «كان رجلٌ نصرانياً [3] فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم - فعاد نصرانياً، فكان يقول: ما

(1) قال القسطلاني - متوفى سنة (923 هـ) : «وحكي أن ملك الإفرنج في دولة المنصور قلاوون الصالحي، أخرج لسيف الدين قلج صندوقًا من الذهب واستخرج منه مقلمة من ذهب، فأخرج منها كتابًا زالت أكثر حروفه، فقال: هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر، ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا فنحن نحفظه» . «إرشاد الساري» (1/ 81) . وانظر: «السيرة النبوية» (ص 289) للندوي.

(2) «الصارم المسلول» (ص 172) لابن تيمية. وانظر: «السيرة النبوية» (ص 300 - 301) للندوي.

(3) في رواية مسلم: «كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران ... » ، ولا تعارض بحمد الله، فقد يكون من بني النجار - قوم أنس راوي الحديث -، وهو على دين النصرانية في الجاهلية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام