قال ابن القيم رحمه الله: «فرأس الأدب معه - صلى الله عليه وسلم - كمال التسليم له، والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يحمله معارضة خيال باطل يسميه معقولًا أو يحمله شبهة أو شكًا، أو يقدم عليه آراء الرجال، وزبالات أذهانهم، فيوحده بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، كما وحد المرسل - سبحانه وتعالى - بالعبادة، والخضوع والذل والإنابة والتوكل، فهما توحيدان لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما: توحيد المرسل، وتوحيد متابعة الرسول، فلا يحاكم إلى غيره، ولا يرضى بحكم غيره، ولا يقف تنفيذ أمره وتصديق خبره على عرضه على قول شيخه وإمامه وذوي مذهبه وطائفته، ومن يعظمه» [1] .
وقال أيضاً: «وحقيقة الأدب: استعمال الخُلُق الجميل» [2] معه - صلى الله عليه وسلم - وسائر إخوانه من النبيين والمرسلين - عليهم الصلاة والسلام - وذلك عن طريق القلب واللسان والجوارح [3] ، إِذْ كُلٌّ من هذه الأعضاء له وظيفته، وما يجب في حق الرسول عليه الصلاة والسلام من المتابعة والمحبة والتعظيم والتوقير والإجلال [4] .
لكن قد يضعف هذا الأمر عند بعض المسلمين وغيرهم، ويختل هذا الميزان، وينحرف هذا المفهوم عند أصحابه، فيصل بهم إلى حد؛ يتخذون ما يجب تعظيمه وتوقيره: سخرية واستهزاءً، وذلك وفقاً لتقدير الله الكوني العام.
(1) «مدارج السالكين» (2/ 387) ، وانظر وقارن: «شرح العقيدة الطحاوية» (ص 201) وما بعدها.
(2) المصدر نفسه (2/ 381) .
(3) انظر: «الصارم المسلول» (ص 425 - 426) .
(4) انظر: رسالة الشيخ حسن نور حسن «التأدب مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -» (ص 139 - 253) ، حيث بين أنواع الأدب الثلاثة: (القلبي - والقولي - والعملي) .