الضلال؛ باتباع الأهواء، واعتناق دين الجاهلية «الشرك بالله تعالى» الذي ما أوذي الله بمعصية أعظم منه، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} [الأحزاب: 57] .
فأعظم صورة من صور الاستهزاء الشرك بالله تعالى في ألوهيته وربوبيته، ومنه الإشراك به في حكمه، فالشرك بالله تعالى متضمن للاستهزاء والتنقص بالخالق جلَّ وعلا، وكفى بذلك قبحاً وسفاهة أن يصل إيذاء المخلوق الضعيف إلى الخالق القوي العزيز. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهؤلاء الضالون مستخفون بتوحيد الله ويعظمون دعاء غير الله من الأموات، فإذا أمروا بالتوحيد ونهوا عن الشرك استخفوا به كما أخبر تعالى عن المشركين بقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا} [الفرقان: 41] ، فاستهزءوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لما نهاهم عن الشرك؛ وقال تعالى عن المشركين: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ * بَلْ جَاء بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 35 - 37] ، وقال تعالى: {وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 4 - 5] » ، وذكر رحمه الله آيات كثيرة، ثم قال: «ومازال المشركون يسفهون الأنبياء ويصفونهم بالجنون والضلال والسفاهة كما قال قوم نوح لنوح وعاد لهود: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [الأعراف: 70] ، فأعظم ما سفهوه لأجله وأنكروه هو التوحيد؛ وهكذا تجد من فيه شبه هؤلاء من بعض الوجوه إذا رأى من يدعو إلى توحيد الله وإخلاص الدين له، وأن لا يعبد الإنسان إلا الله، ولا يتوكل إلا عليه استهزأ بذلك لما عنده من الشرك، وكثير من هؤلاء يخربون المساجد فتجد المسجد الذي يبنى