والإزراء به، والطعن عليه، وكان مقصودهم بذلك التشنيع على اليهود، وتنفير الناس عنهم وإغراءهم بهم، فَنَفَّرُوا الأمم عن النصرانية، وعن المسيح ودينه أعظم تنفير» [1] .
ومع هذا كله يعتقد النصارى أن المسلمين تنقصوا المسيح حيث قالوا عنه: عبد الله ورسوله كما نطق به القرآن الكريم في سورة آل عمران والنساء والمائدة والزخرف [2] .
قال ابن القيم في رد هذا الافتراء في نونيته:
ونظير هذا قول أعداء المسيح ... من النصارى عابدي الصلبان
إنّا تنقصنا المسيح بقولنا ... عبد وذلك غاية النقصان
إلى أن قال رحمه الله:
فانظر إلى تبديلهم توحيده ... بالشرك والإيمان بالكفران
وانظر إلى تجديده التوحيد من ... أسباب كُلِّ الشرك بالرحمن
واجمع مقالتهم وما قد قاله ... واستدع بالنُّقادِ والوُزَّان
عقل وفطرتك السليمة ثمَّ زن ... هذا وذا لا تطغ في الميزان
فهناك تعلم أي حزبينا هو ... المتنقِّص المنصوص ذو العدوان
رامي البريء بدائه ومصابه ... فعل المباهت أوقح الحيوان
لمعيِّر للناس بالزغل الذي ... هو ضربُهُ فاعجب لذي البهتان
يا فرقة التنقيص بل يا أمة الدَّ ... عوى بلا علم ولا عرفان [3]
(1) «إغاثة اللهفان» (2/ 286، 287) .
(2) انظر: سورة آل عمران: 49، والنساء: 171 - 172، والمائدة: 75، الزخرف 57 - 59.
(3) «النونية» (ص 173 - 174) .