فهرس الكتاب
الصفحة 267 من 1137

ومن صور الاستهزاء بالله سبحانه عند الأمم الماضية: ما فعله النصارى - عليهم من الله ما يستحقون - من تنقُّص لله - تبارك وتعالى - ووصفه بصفات لا تليق بجلاله وعظمته.

قال ابن القيم - رحمه الله: «ومن المعلوم أنَّ هذه الأمة ارتكبت محذورين عظيمين، لا يرضى بهما ذو عقل، ولا معرفة ... (إلى أن قال:) والثاني: تنقُّصُ الخالق وسبه؛ ورميه بالعظائم، حيث زعموا أنه - سبحانه وتعالى - عن قولهم علوًا كبيرًا - نزل من العرش عن كرسي عظمته، ودخل في فرج امرأة، وأقام هناك تسعة أشهر يتخبط بين البول والدم والنجو، وقد علته أطباق المشيمة والرحم والبطن، ثم خرج من حيث دخل رضيعًا صغيرًا يمصُّ الثدي، ولُف في القمط، وأُودع السرير، يبكي ويجوع ويعطش، ويبول ويتغوط، ويحمل على الأيدي والعواتق؛ ثم صار إلى أن لطمت اليهود خديه، وربطوا يديه، وبصقوا في وجهه، وصفعوا قفاه، وصلبوه جهرًا بين لصين، وألبسوه إكليلًا من الشوك، وسمروا يديه ورجليه، وجرَّعوه أعظم الآلام، هذا وهو الإله الحق الذي بيده أتقنت العوالم، وهو المعبود المسجود له ... إلى أن قال رحمه الله: فنسبوا الإله الحق سبحانه إلى ما يأنف أسقط الناس وأقلهم أن يفعله بمملوكه وعبده، وإلى ما يأنف عُباد الأصنام أن ينسب إليه أوثانهم ... » [1] .

قال شيخ الإسلام - عليه رحمة الله: «والنصارى - أيضاً - يصفون اللاهوت بصفات النقص التي يجب تنزيه الرب عنها، ويسبون الله سبًا ما

(1) المصدر نفسه (2/ 282 - 284) . وانظر: «هداية الحيارى» (ص 260 - 261) له.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام