فهرس الكتاب
الصفحة 238 من 1137

المتضمنة شرع دين لم يأذن به الله، وإبطال دينه الذي شرعه على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، والتعوُّض عن حقائق الإيمان بخدع الشيطان، وحظوظ النفس.

فقال الأولون: إذا تعارضت السياسة والشرع قدمنا السياسة! وقال الآخرون: إذا تعارض العقل والنقل قدمنا العقل! وقال أصحاب الذوق: إذا تعارض الذوق والكشف، وظاهر الشرع قدمنا الذوق والكشف» [1] .

هذا مع بقاء أولئك الخلفاء والأمراء معترفين بشريعة الله تعالى في جميع مجالات الحياة، إلا ما تعارض مع بعض أهوائهم ورغباتهم في قضايا جزئية لا تصل إلى إبطال شيء من الشرع المطهَّر واستبدال اجتهاد البشر به، وزبالة أذهانهم، وفتات موائدهم.

أمَّا العصر الحاضر فقد شهد القاصي والداني، والعدو والصديق، بجرأة المشرعين من دون الله - تبارك وتعالى - وافترائهم عندما هجموا على سلطان الشريعة الإسلامية فاقتلعوه من جذوره؛ وذلك بإبطال المحاكم الشرعية في معظم أقطار العالم الإسلامي، بدعوى أن أحكام الإسلام لا يصلح تطبيقها في العصر الحاضر، وإنما كانت صالحة لفترة مضت في تاريخ هذه الأمة.

ونصب أعداء الإسلام من المستعمرين والمستشرقين في مناطق حَسَّاسَةٍ من ديار الإسلام معاقل ينطلقون من خلالها لتحقيق أهدافهم فيما لم يصلوا إليه من ديار المسلمين، حتى أنهم كانوا - ومازالوا - يحاولون نبذ الشريعة بالكلية، وإحلال القوانين الأوروبية محلّها، فإذا لم يمكنهم ذلك انتقلوا إلى ما هو أَقَلُّ درجة: وهو تعطيل بعض الأحكام الشرعية أو الحدود المقررة في كتاب الله تعالى وسنة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - كإلغاء

(1) «شرح العقيدة الطحاوية» (ص 204) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام