وواجبات ولاة الأمور في الإسلام كثيرة تتلخص في شيئين: أداء الأمانات، والحكم بين الناس بالعدل: ولا يكون تحقيق العدل كما يحب الله سبحانه ويرضى إلا بتطبيق شريعته. يقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58] .
قال القرطبي رحمه الله: «هذه الآية من أمهات الأحكام تضمنت جميع الدين والشرع.
وقد اختلف في المخاطب بها؛ فقال عليّ بن أبي طالب، وزيد بن أسلم، وشهر حوشب وابن زيد: هذا خطاب لولاة المسلمين خاصة، فهي للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأُمَرائه، ثُمّ تتناول من بعدهم.
وقال ابن جريج وغيره: ذلك خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة في أمر مفتاح الكعبة.
والأظهر في الآية أنها عامة في جميع الناس فهي تتناول الولاة فيما إليهم من الأمانات في قسمة الأموال [1] ورد الظلمات والعدل في الحكومات، وهذا اختيار الطبري [2] . وتتناول من دونهم من الناس في حفظ الودائع والتحرّز في الشهادات وغير ذلك»، إلى أن قال: «قوله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ... } ، وهذا خطاب لولاة والأمراء والحكّام، ويدخل في ذلك بالمعنى جميع الخلق كما ذكرنا في أداء الأمانات» [3] .
(1) يقسّم شيخ الإسلام الأموال السلطانية إلى ثلاثة أصناف: الغنيمة، والصدقة، والفيء. انظر: مجموع الفتاوى «السياسة الشرعية» (28/ 269) .
(2) انظر: «جامع البيان» (8/ 492) شاكر.
(3) «الجامع لأحكام القرآن» (5/ 165 - 167) . وانظر: مجموع الفتاوى «السياسة الشرعية» (28/ 245) لابن تيمية.