فهرس الكتاب
الصفحة 229 من 1137

بتطبيق الشريعة التي هي من أعظم نعم الله على عباده، فجعل شريعته أفضل الشرائع، وخصَّ دين الإسلام بميزة عظيمة هي أنه صالح لكل زمان ومكان، لا كما يزعم أرباب العلمنة في ديار الإسلام: بأنَّه لا يصلح للقرن العشرين، وأحكامه لا يمكن تطبيقها في هذا العصر بدعوى التطور والتقدم، وأن تطبيق بعض أحكامه فيه تشويه أو قسوة تتنافى مع الحضارة المعاصرة.

إنّ أمر الشعوب عمومًا؛ والمسلمين خصوصًا لا يستقيم بدون حاكم مسلم يسوسهم بشريعة الإسلام، ويحكمهم بأحكامه المستنبطة من كلام الله - جل وعلا - وكلام رسوله - عليه الصلاة والسلام - وفق شروط وضوابط القضاء الشرعي في الإسلام، عملًا بقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ} الآية [المائدة: 49] . وقال تعالى: {فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ... } الآية [ص: 26] ، فالخطاب لداود - عليه السلام - ويدخل معه هذه الأمة ونبيها - عليه الصلاة والسلام -.

وقد أدرك المسلمون عبر تاريخ هذه الأمة الطويل، أنَّه لابُدَّ من نصب إمام يدبر أمورهم، ويرعى شؤونهم، ويقضي بينهم، وأن هذا من أعظم الواجبات [1] ، وشرط ذلك كله تطبيق الشريعة الإسلامية.

يقول الشيخ محمد قطب: «إنَّ ولي الأمر في الإسلام يكون شرط توليته، الذي يعطيه تولي الأمر، والذي بدونه لا تكون له شرعية، هذا

(1) انظر: «الأحكام السلطانية» (ص 19) لأبي يعلى، و «مجموع الفتاوى - السياسة الشرعية» (28/ 390) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام