-عليهم الصلاة والسلام - كما سيأتي الحديث عنه عند الكلام عن صور الاستهزاء في العصر الحاضر إن شاء الله تعالى، كُلُّ هذا من أعظم أسبابه تبرير أرباب الفكر الإرجائي هذه الهجمة على الإسلام والمسلمين، وإفتاء كثير من علماء هذا الفكر الخبيث أن ارتكاب هذه المكفِّرات لا يؤثر على الإيمان؛ وما هي إلّا معاصي لا تبلغ درجة الكفر: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف: 5] ، {قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ... } [التوبة: 65 - 66] .
«وكان لهذا العقيدة (أي: الإرجاء) آثار عميقة المدى على الأمة، بل هي في عصرنا هذا أساس للضلال والتخبط الواقع في مسألة التكفير، ومنها نشأ التوسع في استخدام «شرط الاستحلال» حتى اشترطوه في أعمال الكفر الصريحة كإهانة المصحف وسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإلغاء شريعة الله، فقالوا: لا يكفر فاعلها إلا إذا كان مستحلًا بقلبه!! واشترط بعضهم مُسَاءَلَة المرتد قبل الحكم عليه، فإن أقرَّ أنه يعتقد أن فعله كُفُر، كَفَر، وإن قال أنه مصدق بقلبه، ويعتقد أن الإسلام أفضل مِمَّا هو عليه من الردة لم يكفِّروه» [1] .
(1) «الانحرافات العقدية ... » (ص 134) ، وغرضهم هو التثبت في إطلاق الكفر - بزعمهم - وهذا إلى أفعال الحمقى أقرب منه إلى أفعال المتثبتين، وإلا فهل يذهب عاقل إلى طاغوت محارب للشريعة أو زعيم حزب شيوعي فيسأله هل تعتقد أن الإسلام أفضل!!؟.