فهرس الكتاب
الصفحة 174 من 1137

قال ابن كثير رحمه الله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ} ، أي لهؤلاء المجادلين في توحيد الله {اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ} أي على رسوله من الشرائع المطهرة: {قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا} ، أي لم يكن حجة إلا إتباع الآباء الأقدمين، قال الله تعالى: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} ، أي فما ظنكم أيها المحتجون بصنيع آبائهم أنهم كانوا على ضلالة وأنتم خَلَفٌ لهم فيما كانوا فيه، ولهذا قال تعالى: {أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} » [1] .

وقال العلَّامة السعدي رحمه الله: «أخبر تعالى عن حال المشركين إذا أُمروا باتباع ما أنزل الله على رسوله مِمَّا تقدم وصفه رغبوا عن ذلك وقالوا: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا} فاكتفوا بتقليد الآباء وزهدوا في الإيمان بالأنبياء، ومع هذا فآباؤهم أجهل الناس وأشدُّهم ضلالًا، وهذه شبهة لرد الحق واهية، فهذا دليل على إعراضهم عن الحق ورغبتهم عنه وعدم إنصافهم، فلو هدوا لرشدهم وَحَسُنَ قصدهم لكان الحق هو القصد، ومن جعل الحق قصده ووازن بينه وبين غيره تبيَّن له الحق قطعاً واتبعه إن كان منصفًا» [2] .

فأكذب الله هؤلاء المفترين المقلدين للآباء في الضلال فقال: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [الزخرف: 24 - 25] .

قال ابن القيم رحمه الله: فأخبر عن بطلان هذه الحجة، وأنها لا تنجي من عذاب الله تعالى لأنها تقليد من ليس عنده علم، ولا هدى من الله. والمعنى: ولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير يقلدونهم،

(1) «تفسير القرآن العظيم» (3/ 717) .

(2) «تيسير الكريم الرحمن ... » (1/ 97) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام